مأساة إنسانية.. فيضانات إندونيسيا تبتلع 914 شخصاً والبحث عن مئات المفقودين

مأساة إنسانية.. فيضانات إندونيسيا تبتلع 914 شخصاً والبحث عن مئات المفقودين
فيضانات تجتاح إندونيسيا

شهدت جزيرة سومطرة الإندونيسية واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية في تاريخها الحديث، بعدما اجتاحت فيضانات عارمة وانهيارات أرضية ثلاث مقاطعات متجاورة، مخلفةً وراءها دماراً واسعاً وخسائر بشرية متصاعدة، في مشهد أعاد إلى الأذهان هشاشة البنية البيئية أمام التغيرات المناخية المتسارعة وسوء التخطيط العمراني في بعض المناطق.

وأكدت الوكالة الوطنية للتخفيف من آثار الكوارث في مدينة باندا آتشيه ارتفاع حصيلة الضحايا بشكل لافت، بعدما أعلنت وصول عدد القتلى إلى 914 شخصاً، بزيادة 47 ضحية خلال أقل من 24 ساعة فقط، في مؤشر خطر على اتساع نطاق الكارثة وصعوبة السيطرة الكاملة على تداعياتها، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الأحد. 

وأوضح مركز البيانات والمعلومات والاتصالات التابع للوكالة أن عمليات البحث ما زالت تكشف عن مزيد من الجثث مع انحسار المياه في بعض القرى المنكوبة وظهور المناطق التي كانت غارقة بالكامل.

وجاءت مقاطعة آتشيه في صدارة المناطق الأكثر تضرراً، بعد أن سجلت 359 قتيلاً، في حين حلت مقاطعة سومطرة الشمالية في المرتبة الثانية بـ329 قتيلاً، تلتها سومطرة الغربية التي بلغ فيها عدد الضحايا 226 قتيلاً. 

وتعكس هذه الأرقام حجم الكارثة التي ضربت مناطق مكتظة بالسكان، وتفتقر في كثير من القرى النائية، إلى بنى تصريف حديثة قادرة على استيعاب كميات الأمطار الغزيرة التي هطلت بشكل متواصل لأيام.

تواصل جهود الإنقاذ

واصلت فرق الطوارئ والإنقاذ عملها على مدار الساعة، متحديةً الطقس القاسي والطرق المدمرة والانقطاعات شبه الكاملة في شبكات الاتصالات والكهرباء. 

وانتشرت فرق البحث في القرى الجبلية والمناطق المنخفضة التي تحولت إلى مستنقعات موحلة، مستخدمةً القوارب المطاطية والمعدات الثقيلة وكلاب البحث عن المفقودين، في محاولة لتقليص عدد الضحايا وإنقاذ من تبقى على قيد الحياة.

وأكدت التقارير الرسمية أن 389 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين حتى اللحظة، وهو ما يثير مخاوف كبيرة من ارتفاع جديد في أعداد القتلى خلال الأيام المقبلة، خاصة في المناطق التي شهدت انهيارات أرضية طمرت منازل بأكملها تحت أكوام الطين والصخور.

وأشار مسؤولون محليون إلى أن كثيراً من القرى عانت عزلة تامة بعد جرف الجسور والطرق الرئيسية، ما عوق وصول فرق الإغاثة في الساعات الأولى من وقوع الكارثة، وهي الساعات التي تكون فيها فرص النجاة عادة مرتفعة. كما أدى نقص المعدات الثقيلة إلى تأخير عمليات إزالة الأنقاض في بعض المناطق.

كارثة وتحذيرات مستقبلية

لفت خبراء البيئة والمناخ إلى أن ما حدث في سومطرة ليس مجرد حادث طبيعي عارض، بل هو نتيجة تراكمات طويلة من إزالة الغابات والتوسع العمراني العشوائي وغياب حلول مستدامة لإدارة مياه الأمطار. 

وأكدوا أن التغير المناخي العالمي أسهم في مضاعفة حدة الأمطار الموسمية، ما جعل المناطق الهشة أكثر عرضة للفيضانات والانهيارات الأرضية.

ودعت منظمات إنسانية دولية الحكومة الإندونيسية إلى تعزيز خطط الطوارئ، وتطوير أنظمة إنذار مبكر أكثر فعالية، بالإضافة إلى إعادة النظر في سياسات حماية الغابات التي تُعد خط الدفاع الأول ضد السيول الجارفة.

وبينما تستمر فرق الإنقاذ في سباق مع الزمن، تظل عائلات المفقودين معلقة بين الأمل والفقد، في انتظار خبر قد يبدد الألم أو يزيده، وسط كارثة تركت جرحاً غائراً في واحدة من أكثر مناطق إندونيسيا كثافة سكانية وحساسية بيئية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية